ننتظر تسجيلك هـنـا


( فعاليات سـهام الروح )  
 
 

 

♥ ☆ ♥اعلانات منتدى سهام الروح♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 4,044
عدد  مرات الظهور : 67,109,793
عدد مرات النقر : 4,279
عدد  مرات الظهور : 66,014,659
عدد مرات النقر : 3,664
عدد  مرات الظهور : 64,406,375
عدد مرات النقر : 5,420
عدد  مرات الظهور : 39,583,904
عدد مرات النقر : 3,457
عدد  مرات الظهور : 34,871,754منتديات سهام الروح
عدد مرات النقر : 3,424
عدد  مرات الظهور : 69,898,750
عدد مرات النقر : 4,024
عدد  مرات الظهور : 69,570,074
عدد مرات النقر : 5,166
عدد  مرات الظهور : 69,898,853
عدد مرات النقر : 5,037
عدد  مرات الظهور : 62,737,054

عدد مرات النقر : 2,757
عدد  مرات الظهور : 47,166,550
♥ ☆ ♥تابع اعلانات منتدى سهام الروح♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 2,684
عدد  مرات الظهور : 40,483,909مركز رفع سهام الروح
عدد مرات النقر : 5,878
عدد  مرات الظهور : 69,898,669مطلوب مشرفين
عدد مرات النقر : 3,149
عدد  مرات الظهور : 69,898,661

الإهداءات



› قٍّصِّصِّ وٍّرِوٍّآيِّآتٍّ سَّهِّآمِّ آلِّرِوٍّحَّ

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 07-01-2024, 12:53 PM   #34


الصورة الرمزية ناعمه كالحرير

 عضويتي » 2709
 جيت فيذا » Apr 2024
 آخر حضور » اليوم (09:39 AM)
آبدآعاتي » 4,312
الاعجابات المتلقاة » 42
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الادبي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » ناعمه كالحرير will become famous soon enoughناعمه كالحرير will become famous soon enough
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع hilal
مَزآجِي  »  50

اصدار الفوتوشوب : My Camera:


مشاهدة أوسمتي

ناعمه كالحرير غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ساري الجبل واخوان ساري للكاتبه/ريانه



قايد

مجروح منها للنخاع لكن مبتلى
بالحب وهذا الإبتلاء يجر أقدامه بدون إرادته ، يجرّها لمقاعد الليل تحت شباك غرفة المستشفى يسامر الليل الطويل وهو يتحرى لمحة عيونها ، تحن وتطل من شباكها و تسرق لها نظرة ، لكن يغيب الليل ويشرق الصبح ويغيب إنتظاره مع غياب ليله ويرجع من نفس الطريق وعيونه خالية من طيوفها ، ليت تكشف عن صدره وتشوف خانتها وتشوف مكانها كيف صار خالي منها لكن ليت صارت تجره مثل قلبه ويعيش على ليت بدون لايزاوره ملل حتى ولو ضاع الأمل متطمن وهذا الشعور يكفيه ويعيشه مع ليت شهر وهذا وضعه عايش وهو متطمن وهو يتسلى بليت وبثياب الوداع وبفستانها الأحمر يوم العيد وبكل حالاتها اللي عشقها بجنون ولازال يعشقها ، مبتلى وملكة من فوق ومن ورى الشباك كل يوم تشوفه والكبرياء مقيّد خطواتها لأنها تقف كل يوم بنفس الصمود الظاهر لكن قلبها يحمل كل التناقضات
يواجه الصد ويفشل ، يواجه الكبرياء ويفشل ، يواجه طبعها العنيد ويفشل ، قلبها في صراع دائم لكن بنفس المكان ثابتة ، اليوم قلبها يستحثها مثل كل يوم وتعانده لكن مابه عنادها تزعزع وجمودها الظاهري اختلف ! والسبب كان علامات اليأس لم تعد تخفى ويبدو أن اليوم آخر محاولة من محاولاته لأنه لم يجلس على مقعد إنتظاره مثل كل ليلة ولم يرفع رأسه يسترق له نظرة بخلت وتمنعت و وارت عنه وجهها خلف حجاب العناد اليوم كل محاولاته إختلفت !
بسرعة حملت طرحتها و نزلت
قايد ونفسه تستحثه يغادر لأنه استهلكها على مقاعد الإنتظار ينازع رغبته في البقاء من أجل كرامة نفسه ، أدمن السهر بالقرب من شباك محبوبته ، أدمن البقاء بالقرب من رائحتها وذكرياته معها لكن كل الليالي كانت تشبه بعضها، قرر يكسر التشابه ويبتر آخر أشواط الإنتظار وينسحب ويرفع راياته مشى خطوتين مشى وهو مهزوم محروم منها
سمع صوت وتخيل أنه يهذي وهذي أشواقه ساقت له النبرة وتوهمها لكن النبرة إقتربت تأفف من هذيانه اللي كان بغير وقته لأنه يقاسي هزيمة وبصوتها الهزائم صارت مضاعفة !
قايد
تجاهل النبرة ومشى خطوتين
قايد !
لف وملامح الهزيمة كانت طاغية على قسماته طغت حتى على لهفته وعلى صدمته كان يرمقها بإعياء ، هالات سوداء ، عارض مهمل ، غره كثيفة وحزن وجمود بسبب هذه الصورة وقفت ثابتة بمحلها مررت عيونها على هذا الذبول بندم كبير طغى على ضعفه وعلى ملامح خسارته حاولت تتحرك ناحيته ونبرات عالية داخلها تستحث مقاومتها وتستحث مشاعرها اللي تغطت بالكبرياء حان وقت خروجها

قايد لاتروح !
لف وبنيته يرجع لطريقه ويتجاهل صوتها ويتجاهل لهفته كور يدينه وهو يقاسي صوتها وأثيرها القريب منه وهو يقاوم التعب خايف من السقوط ، تزعزعت مقاومته بالفعل واختل توازنه فتح عينه وهي قريبة منه وكفها محتضنه ذراعه وعيونها تدور بخوف وذعر تمسح خرائط التعب والإجهاد الممتدة بتمرد على تقاسيم وجهه وعلى جسده : قايد أنت بخير؟
إمتدت يده ورفعها لكن سبقته وافلتته بعد ما لاحظت منه الصد والتمنع قررت تبعد لها خطوتين وهو قال : أنا بخير

ملكة : لا ياقايد أنت مجهد وتعبان أنت تعبت من الإنتظار اللي مايودي ولا يجيب أنت تصلب ظهرك بكرسي رهنته للقاءنا ولا التقينا !
رفع عينه المتعطشة الذابلة من خريفه معها : اتركيني ملكة مافيني شدة للأخذ والعطى أنا اعترف اني ضعيف وماقويت لكن شعور نفسي ماهو بيديني بين ضلوعي انتي تعرفين المشاعر يوم تخون يوم تتمرد وتقواك أنا انهد حيلي !
شهقت وشدت فكها بكفوفها وهي تسمعه يجر الصوت الحزين على مسامعها ويعلن هزيمته يعلنها صريحة بدون قيود حتى رجولته صارت رهن لقلبه اللي بين ضلوعه هتفت بصوت باكي :تكفى ياقايد لا تقول شيء بعز ضيقك لاتقول شيء اندم أنا عليه واتحسف منه تكفى ياقايد
جلس على الكرسي اللي شهد على انكساراته وصوت تنهايده وعلى غفواته كانت ملكة بطلة طيوفه كان يعيش على طيوفها أيام ويأنس بها استخرجت منديل من جيب بجامتها دنقت وهي تمسح حبات العرق من وجهه رجعت ومررت أصابعها على عارضه وأسفل عينه وهو تحت تأثير هزيمته لم يشعر بلمساتها بعد بهذيان قال : شهر وانا على اللهفة القديمة عايش ايه متلهف ايه ذبل قلبي من شوقه ، كل الدنيا كانت خالية منك وكنت احس اني وحيد لو لو حولي عدد ولو حولي مليون صوت كان في فراغ قلبي مايقدر يمليه أحد
جلست وضمت ذراعه كان المفروض تحضن هذيانه لكن دست رأسها بحضنه وهي تبكي بصوت خافت هتفت : لهفتي تسابق لهفتك القديمة ولهفتك الحين ، ايه ياقايد أنا مثلك كانت الدنيا خالية وكان ورى صوتك الدافي فراغ عجزت فيه حتى الأغاني
صرت ألوم نفسي كثير ياقايد ليه عيشتها شعور وثم ضيعته بسهولة ، ليه صار الصد بعيوني سهل ويوم ابعدت كثير واستوعبت اني وحيدة استصعبت هالشعور ، عادي يمكن تشوفني وقحة وانا اقول اشتقت لك بس اتوقع تعودت على وقاحتي الصدق ياقايد فقدت نفسي بغيابك ..
رفعت نفسها من حضنه وقالت : لمني برضاك ياقايد لم لهفتي ولم الوحدة اللي عشتها وانت بعيد عني لمني ياقايد أجمع الشتات اللي عشناه بضلوعك
فلتت يدينه وهو يرمقها بنظرات باردة ذابلة قطع اللحظة حضور غالب يناديه من بعيد لف له وقال : ارسلت له يجيني ، أنا كل الحروف اللي نثرتها الليلة زاحمتني ثلاثين ليلة واختنقت فيها فز وقال : اللي بيننا فراغ كبير مايجمعه حضن
رمقت رحيله الذابل بنظرات الندم ضمت نفسها وهي تبكي خطواته المبعده عنها وهو واقف على حدود الإنكسار استنزف بالكامل يساوره شعور اللا شعور ترك كل شي وراه رهن للحظتهم هذه
ملكة عبثت فيه لم تحفظ قلبه لم تحفظ هواه تركته معلق على حافة محفوفة بالتمني كان يتمنى نظرة يتمنى همسة يتمنى لو خطوة كان يعيش معها على التمني استهلك معها طاقة الإنتظار وفي آخر مشاويره معها زجت به وبقلبه أعلنت التخلي وغادرته ببساطة تقرح منها قلبه !
.
.
وصلت لأرض الرياض وحرير من بعد ماعرفت بكل شيء لم تتركها ولو خطوة واحدة ، جود وماجد أصدقاء رحلتهم الجدد
فتحت باب بيتهم وانقبض قلبها كانت تحاول تغض النظر عن الشارع اللي ياما حمل خطواته الباردة الغاضبة ، الحزينة ، المجهدة حاولت تغض النظر عن الممر اللي يوقف فيه ساعات من أجل مراقبة حرير ومن أجل قلبه اللي ماكان ينبض لغيرها ، أما تمارا وقصتهم المبتورة ماكانت إلا هامش صغير قدر بليلة واحدة يتخلص منها ويفر بجلده ويتركها على قارعة الخوف والندم !
حرير تعرف سبب عبوسها تعرف أنها الآن تقاسي مخاض الذكريات وتدرك ان زايد الشخص الوحيد اللي قدر يهزمها صرخت بمرح تحاول فيه تشتيت تمارا : جود الأميرة وش مشتهية ؟ حرير تطبخ كل شي و طعمه يم يم
جود والمصاصة في فمها تجاهلتها هنا فجأة رن جرس البيت وتلخبطت تمارا وتلخبطت انفاسها يمكن زايد وصله الصوت وقرر العودة
جرت خطواتها للباب والطارق ماكان إلا ساري !
رفعت حاجب البرود من جديد وقالت : وش اللي جابك ؟ تعرف زين اني يوم قررت ارجع كنت قاصدة ابعد عن كل شيء وأول الأشياء أنت
وكأنها ترحب فيه تراحيب حارة تلقى كلامها ببرود لاذع هتف : جابر مأمني على الصغار وما اقدر اخلف بوعدي له احسبي حسابش من اليوم بتشوفيني عن السنين اللي قدرتي تصدين فيها وتتجاهليني !
تجاهلته وهو رفع الأكياس عن الأرض ودخلها في الممر : رقمي عند ماجد نقلت ملفاته لمدرسة قريبة من هنا وروضة جود باقي كم يوم
قاطعته : عندي علم في شيء ثاني ؟
ساري : بالنسبة للمبنى ،
تأففت بتملل وقاطعته بحدة : ماعندي وقت اسمع توصيات المبنى صار من ممتلكاتي ولا تقدر تناشبني عليه
تأفف هو كان بيفهمها شيء لكن حقدها يسبق كل الحروف وتقطع الصوت بنظراتها وحدتها : قبل اروح ابغى اشوف جود
سبقت جود ردها : عمي عمي
ضحك ساري ونزل لمستواها وهي صارت تمشي له بخطوات مليانة دلال بسببها تمارا كتمت ابتسامتها وبالكاد قدرت تسيطر عليها كشر ساري من منظر المصاصة : خلاص صرتي كبيرة وبتروحين المدرسة تبغين تروحين المدرسة بمصاصة ؟
عانقته واسندت رأسها على كتفه وهو رق قلبه همس لها : يا ذا الدلال اللي جايب قلوبنا كلنا مانقدر نقول قدامه شي
حملها وهي لازالت مسندة رأسها على كتفه : بكرة بمرهم مافي اعتراض
صمتت تمارا وهو نزل جود على الأرض ليخرج على الفور وحرير خلف الباب شدها حديثهم ومستغربة من برود تمارا وغضبها توقعت انها لانت مع السنين لكن تمارا لايمكن تلين ..
.
.
هزاع وينك ؟ شبرت قرية الفلس ذي ولا لقيتك !
هزاع من السماعة : طلعت اشوف أحوال ميمتي متنومة من الضغط
أديب وهو يجمع اغراضه اللي اشتراها من البقالة الصغيرة صمت لثواني وهو يراقب الأنثى اللي تسترق الحكي وتتظاهر بفتح الثلاجة اذنها عنده وعند المكالمة لكن تجاهل : مهر عروسك عندي في السيارة اشغلتني بفلوسك ذي كان حولتها لأبوها وخلصت ليه تصعبها على نفسك
هزاع من بعيد : مدري وش براس ابوها يبغى فلوس المهر كاملة ويستلمها بيده
حمل الكيس للشايب اللي عند الباب : كم حسابي ياعم
: ١٠٠لفت سلافة بقوة وهي تشوف أثر أديب خرجت بسرعة المهم تلحق خطواته ، مشت وراه بخطوات خايفة ومتوترة وهو شعر بمراقبتها لكن تجاهل مثله مايتفوت ، غمضت عيونها بقهر ورجعت تتذكر موقف أختها قبل ساعة بالضبط
فجر : ام رابح والله يوم بس يوم والمبلغ بيدك بش اصبري
ام رايح بقسوة : ماعندي صبر ولا أنتي أحسن من البنات بتلبسين وبتطلعين للأوادم بدون صوت والمبلغ اللي خسرتيه بتطلعينه بليلة ليلة وخلاص
شدت يدها بقهر وقرف ، البنات اللي تحت جناح ام رابح رهن لأعمالها القذرة وتجارتها

ركضت وعينها تلمع الفرج صار قريب اليوم بتنقذ جسد إحداهن رفعت جوالها القديم وهي تلهث
: فجر فجر تعرفين بيت هزاع حارس المدرسة ؟ اطلعي ولا يشوفك أحد لقيت المبلغ اللي بينقذنا اليوم !
وصلت فجر وهي خايفة ومتوترة على أختها أكثر من خوفها على نفسها : سلافة وش موديك لبيت هزاع تكفين لاتحس ام رابح علينا
سلافة بجمود : الله ياخذها وياخذ طاريها من لحمها ومن دمها حنا كيف هانت عليها الأمومة كيف قدرت تفرط فينا ، ويقولون مافي أعز من الولد إلا ولد الولد وين ولدها ويشوف الذل اللي عشناه من دونه
فجر شدت يدها : ماهو وقت الحكي تكفين خلينا نرجع
سلافة بجنون نفضت يدها : ماني متحركة إلا والمبلغ اللي بينقذنا الليلة بيدي ويدك المبلغ هنا ورى هالجدران
: وش تقولين يامجنونة تبغين نسرق
ضحكت سلافة بضياع : واللي سويناه قبل ؟ سرقنا الحين خايفة خايفة من كم قرش ورى هالجدار ومو خايفة على الثوب اللي يغطينا !
هزتها فجر وهي تنتفض : ماعمره لمس جلدي مخلوق ولا انخلق باقي اللي بيتعدى علي !
سلافة بنفس حدة الصوت بالرغم من نبراتهم الهامسة : ولا أنا ولا أنا ماجابته أمه اللي يتعدى على ثوبي اللي يغطيني بس رحاب وفاتن ورباب ؟ أصوات قلة الحيلة اللي انبحت وحلوقهم الناشفة من كثر البكا كانو صيده لأم رابح ولقمة سهلة لمطامعها ماعدت أطيق أصوات البكا كل ليل وأنا أسمعها من ورى باب غرفتهم اللي انهجرت وهجرها صوت الضحك
فجر بإرهاق وبمرارة قاهرة رفعت يدها وغطت بها فم سلافة : بس دخيلك ماعاد فيني حيل كنت اتعامى وانغمست وسط هالضياع لأنه انفرض واقع علي وعليك
سلافة بجمود : من اليوم انا بوجه المدفع انا اللي بتواجه ضياعكم وقلة الحيلة أدري انه بعد مافات الصوت بس وش اللي بيدي وماسويته ؟
سحبت فجر وهي تشد رأسها : تشوفينه مرتاح من بلاوي الدنيا ، يتعلل ويسامر النجمة بكوب شاهي تشوفينه ذا هو لعبتنا الرابحة الليلة وكل ليل
شهقت فجر : ياويلي ياسلافة تكفين وش يودينا له وجهه مليان شر ، هو البلا بنفسه لا تنكبينا ابعدينا عن دروبه دخيلك
دفعتها سلافة وبسرعة جنونية اقتربت حملت حجر كبير من الأرض وفي اللحظة اللي لف فيها أديب على صوت خطواتها صوبته بإتجاهه ليفقد الوعي صرخت لفجر : ساعديني نسحبه داخل
فجر وهي تتراعد : أخاف يصحى الفلوس أول بعدين نسحبه
صح صح سبقتها سلافة داخل البيت نفضت المكان نفض وأخيراً وصلت لمبتغاها وبصعوبة
حملت كيس الفلوس و دفعت أختها لخارج البيت لتصرخ : فجر اركضي ولا تطالعين وراك
بذعر ردت اختها : خايفة خايفة اخليك هنا وخايفة ابقى وام رابح تثور فيني
قلت اركضي
ناولتها الكيس وهي تتنفس بقوة : حطي الفلوس بيدها وقفلي باب الغرفة عليك الفلوس ناقصة ويمكن تكسر يدينك
فجر بخوف هزت رأسها وسلافة ناظرتها نظرة مزيفة المهم تشعرها بأمان مؤقت : بوقف لك هنا بتأكد انه بخير وعقبها بجيكم لاتخافين دامني أمنت شوي من المبلغ قادرة اسوي شيء اكبر وينقذنا كلنا
ركضت فجر بظلام القرية وهي تلهث وتبكي وبيدها كيس المال المسروق المهم تنجو من عقوبة ام رابح واللي ممكن تكلفها جسدها
أما سلافة بقيت عند رأس أديب تتفقد إصابته سحبته للداخل وهو فاقد الوعي والدم نزف وغطى ثوبه ، حاولت تسعفه وتقوم باللازم لكن خافت يميّز ملامحها تراجعت عن إسعافه : التقطت ورقة بيضا وكتبت له رسالة قصيرة دستها بجيبه العلوي لتخرج بسرعة وبدون أدنى ندم أو خوف المهم قدرت تحمي فجر والبنات من غضب ام رابح وتسلطها وعقابها المؤذي بحق أجسادهن
ركضت للبيت وأديب خلفها غارق بجرحه ..حسناء
شعور رهيب يخالجها وهي تتجهز للعمرة بقلبها وبجوارحها ، ولأول مرة رجلها تصل لهذه البقعة ولأول مرة تعيش شعور الترقب ويتحفز فضولها ناحية القادم وناحية الأشياء اللي ممكن تصادفها برحلتها الإيمانية جابر ملتف بإحرامه متمسك بيدها ومصر يمسكها بكل خطواته معها همس لها :وصلتي خير ، أهمسي بوجعش لرب البيت حتى أصغر وجع قوليه أعتبريني مو موجود
مدت عينها ناحية يده الملاصقه ليدها وهو فهم : ماقدر أحررها ، ماقدر أتركها وأنسى ثقل ديوني أبغى بكل خطوة أتذكر لا تمنعيني
مشت وهي متجاهلة طلبه الغريب لأن جوارحها منشغلة ولأن قلبها صارت تحركه همهمات المعتمرين وهمساتهم المستغفرة وأصوات الدعاء اللي تحاوط جهاتها ، قررت تنغمس معهم وتهمس بكل حروفها العصية اللي دفنتها مع السنين وقررت تستخرجها اليوم : يارب أنت الكبير تشوف أصغر وخزه وحتى أخ اللي ماينسمع همسها توصلك مع كل نفس ومع كل صوت ، يارب داويني، يارب اسألك قلب خفيف متعافي أمسح على الوجع اللي خبيته وأمسح على نفسي اللي الوهن تمكن منها يارب قلبي قلبي بين يديك، أرزقني نفس رضية ومحبة لذاتي
شدت على يده بعد ماغاصت ووصلت لأسرارها المتجذرة ، ضغطت أكثر لكن الدمع أبى عصاها وتخلى حتى بلحظتها هذي هو يعرف وش تقاسي الآن وحجم الشعور وصلابته، يعرف أنها تجاهد دمعها القاسى وأبى ،،
وإنتهى المطاف وإنتهت عمرتهم
قص خصلاتها وهمس لها وهو يلتقط يدها الساكنة بوجه مبتسم : تقبل الله حسناء
ردت له إبتسامة طفيفة أشعرته برضا كبير هو القليل منها يشوفه كافي وكثير : منا ومنك، أكملت وهي تشوف وجهه اللي غزاه الرضا : شكيت ربي سنيني الجرد وشكيته شريفة وشكيته البيت اللي كبرني بنقص !
وبن ضيف الله ؟ قالها بتوجس لترد : حتى ويدك مربوطة بيدي وأصابعنا مصفوفة مثل صفوف المصلين اللي نشوف بياضهم الحين إلا أني ماذكرتك لابشين ولا بزين
ضحك من صراحتها : يعني طبقتي توصياتي بالحرف وصدقتي أني مو موجود رمق المصلين وهتف : خلينا نلحق لنا ركعة وهالمرة ادعي بسجودش ادعي لي بالمغفرة
يطلبها السماح بكل مرة بطريقة مباشرة وبطريقة غير مباشرة لكنه في وضع إختبار ، إكتفت بالصمت مثل كل مرة ..
.
.
عتيق ..
نفض غبار مكتبته، نفض كتبه القديمه وهو يبحث عن مؤلف ترك داخله قصاصة دوّن فيها نص يهمه كثير وده يسترجعه ، لكن سقطت عيونه على ملفات أخرى قلّب الأوراق بذهول وبسرعة ركض للغرفة ، هتاف كانت تجمع الفوضى اللي تركها وهو يبحث عن كتابه لكن انصدمت من اندفاعه القوي ومن نظراته وقف متصنم وهي خافت من إندفاعه: عتيق وش جاك ؟ خوفتني !
شهقت بعد ماصارت بطولها الفارع وبجسدها النحيل وبخصلاتها المبعثره رهن لصدره ضمها ضمه ضاقت منها أنفاسها ، ضمها لدرجة شعرت أن أضلعها تحطمت شعرت بحشرجة صدره وبأنفاسه وهي تتصاعد للأعلى
عتيق خوفتني !
عتيق : ليه مانطقتي من زمان ليه أخفيتي الحقيقة اللي كانت بتريح صدري ؟
رفعت نفسها من حضنه عنوة وهي تجاهد أنفاسها :أي حقيقة؟
نطق : سنين وأنا عايش على تأنيب الضمير كنت أظن إرتباطنا عثرة عشت مع هذا الشعور سنين والحين توي عرفت
تراعد قلبها وشحب لونها : عتيق وقف قلبي خلصني وقول وش عرفت !
عتيق : ليه خبيتي عني نجاحك؟
تراجعت خطوتين لورى وهو جذب طرف أصبعها :لا تبعدين ناظريني
هتاف : وش تبغاني أقول ؟ تبغاني أقول أني كنت خايفة خايفة من النجاح وخايفة من ورق
عتيق رمقها بحدة : ومن قال اني بسمح لهالخوف يتمادى ؟ ومن قال انه مايرضيني النجاح
بردت أطرافها حاولت تهرب بعيونها ونطق :لا تهربين والحروف ناقصة كمليها وحطي نقط تشفينا جميع
صرخت بوجهه : يكفي يكفي ياعتيق ماتعبت أصابعك وأنت توجهها باللوم لكل مكان إلا قلبك ؟ المذنب أنت والمتهم أنت ايه ايه ارتباطنا كان عثرة لأشياء ماقدرنا نعيشها ، أطراف ضاعت ولا جمعناها تسع سنين ياعتيق تسع سنين كبرت أمانينا وذبلت وهي مرهونة ، رفعت الصوت كم مرة ولمحت كم مرة وانت تلد بعينك تجمع أوراقك وتهرب للسفر وأنا وأنا ؟
بهت من إنفجارها كان بعيد عن تساؤلاته لكن نطقت : يوم اخترت لك طريق بالعلن أنا أخترت لي حكاية عشتها بالسر خمس سنين والحمدلله ماخسرت وثيقة تخرج عشت معها فرحة بالسر وركنتها بين أوراقك القديمة وقلت يجي له يوم ويجتمع بهالسر ماتوقعت انه اليوم
إبتسم بسخرية : وقررتي تلوحين بإنتصاراتك قدامي وتنتهي اللعبة خلاص ؟ردت له الإبتسامة : مو كنت مبسوط ليه الحين توجعت ؟ قوتي تحسسك بالنقص؟ بنية المنديل الأحمر وثيابها القطن ماهي جاهلة مثل ماتظن
أكثر من شعور يخالجه الآن لكن شعور الفرح متصدر لكن قدر يخبيه لأنها تستعرض أمامه وكل حرف تقوله يشعره بالكمال عكس ماتظن هي وده تنطق بكل شيء بدون توقف : تمارا شدت على يديني وساعدتني أقدم على الخطوة ساري سعى ووقف معي مثل تمارا درست كل الفترة بالسر والاسبوع اللي من كل شهر ترجع فيه للديرة كنت أسبقك وأرجع أنا ، واستمر وضعنا ذا لين تخرجت !
لاحظت صمته هي تظن أنه غير راضي وشعوره هذا إستفزها من جديد قررت تتمرد لتنطق بالسر الجديد : دوامي في الوظيفة الجديدة قرب المباشرة بعد أسبوع دام فتحنا سيرة الأسرار نهل السبحة مرة واحدة
تحركت من أمامه وهو بالكاد استوعب قبل تخرج شدها من يدها لتنفض يده نطق : قبل تسأل وقبل تغثني بمقدمات طويلة الوظيفة بالرياض والسكن وأموره منتهين منها !
خرجت وهو وقف متسمر لم يستوعب بعد !
.

فاتن تسمعيني أنا سلافة واقفة ورى هالباب من ساعة ولارديتي الصوت حتى لو بحركة تحسسني بوجودك
فاتن من ورى باب الغرفة اللي تحوي ثلاث أجساد ذبلت من مدة واكتست بالجمود وقبله الضياع وأطنان من الوجع فاتن ، رحاب ، رباب
سلافة : لقيت الشخص اللي بيطلعنا من الظلمة لقيته وحطيت له الدليل بمخبى ثوبه
فاتن ردت بالصمت وأكملت سلافة : بعد أسبوع بطلع للبيت اللي سرقكم منا لا تظنين ان قرابة الدم ممكن تنقذنا كلنا بمركب واحد مركب ماله وجهه كلنا تايهين ، بس أنا قررت قررت أمسك كل شيء بطلع بفستاني وبرقص بشرب من الكاس اللي انجبرتو تشربونه
فتحت فاتن الباب وخرجت بوجهها اللي استحوذ على أوصاف الجمال وصارت مثل اسمها ضمتها فاتن بقوة وبصوت غاب عنهم من مدة نطقت : لا لا سلافة يكفينا من الوجع اللي صابنا لا تكسرين لنا ضلع
سلافة وهي تنتفض بحضنها : إذا كنت انا الضلع السليم وأنا الناجية اللي استثناني الوجع من بينكم تراك أخطيتي ، أنا تحطمت كل ضلوعي وضاع مني كل شيء وأنا اشوف هالضياع بعيني
فاتن ردت : انتي اخطيتي اخطيتي سلافة الضلع هو انتي قوتنا وسندنا خدش واحد يمس قلبك يمسنا جميع انتي نجيتي بس اللي ضاع منك كثير
رفعت نفسها من حضن فاتن وهي تبتسم : خلاص النهاية قربت موعدي الأخير مع حسام بعد أسبوع أو اسبوع ونص والفلوس اللي انقذتنا اليوم بتسكتها تكفين يافتنة لاينحني راسك ولو صار شيء ولو مارجعت البنات اللي في البيت أمانتك من بعدي
فاتن ابتسمت بذبول ، الخسارة والغياب والفقد أول حروف تتصدر قاموسها لكن خسارة سلافة وغيابها بيكلفها الكثير وأولها حياتها هزت رأسها بمسايرة وهتفت : بترجعين الضلع الثابت اللي يقوينا وبترجعين لنا صوت الضحك بعد ماغاب ويمكن تلاقين بالدرب الجديد إبتسامتنا الضايعة وحياة جديدة لقلوبنا دربك أخضر ياسلافة
ضحكت لها سالفة ومسحت وجهها بحنية مبالغ فيها وكأنها تكبرها بأعوام : وعد مني برجع كل شيء مثل ماكان واحسن بكثير سلافة قول وفعل
.
.
صحى أديب من أثر الضربة انفجع من منظر الدم حاول يتذكر وأول شخص قفز لذهنه فتاة الدكان لأنه قدر يميز شكلها قبل الضربة ، رفع نفسه بثقل وبصداع تحرك للحمام القريب خلع الثوب لتسقط ورقة صغيرة على الأرض شاهد سقوطها بعدم إهتمام رمى ثوبه بالممر وقبل يصب الماء على رأسه نزل للورقة فتح عينه على وسعها والغضب حل محل الألم : كنت مضطرة وتقفلت أبواب الدنيا بوجهي الفلوس اللي كنت مخبيها لقيتها وبترجع لك قريب ، سلافة بنت خضير !
وش قوة الوجه هذي وكأنها تخط حروف إنجاز وتتباهى فيها سرقت فرحة هزاع وسرقت منه أمانته هو ، تعدت عليه وضربته وبلحظة غير متوقعة خسر كل شيء حتى صديقه !
.
.
تمارا
المفترض اليوم موعدها مع المصمم قررت تنشغل بالموقع الجديد وتهتم بأدق تفاصيله لكن تبعثر كل شيء وصاحب الموقع بكل سذاجة يخبرها ان الموقع صار يملكه شخص ثاني دفع أكثر !
نزلت من السيارة وهي تحمل غضب الدنيا خطواتها ثقيلة بسبب إصابة ظهرها لكن مصرة تنفس عن غضبها واللي فجأة تبخر وحل محله الذهول والرجفة تمكنت من كل أوصالها !
الشخص القديم اللي هزمها واقف بحلة الترف وبهندام الرفاهية يرمقها بنظرات إنتصار وبالرغم من تهديدات ساري قرر يواجها مثل ند وقرر ينتقم ويستمتع بإنتقامه، لكن صدمته من شكلها الجديد بعثرت نواياه ، أنوثتها الظاهرة زينة وجهها الطفيفة !

تقدمت ناحيته وهي ترمقه بسخرية كبيرة : برافو يازايد ، في كل مرة تثبت لي أنك جبان وبكل صور الضعف تتمادى قدامي
عقد ذراعينه بسخرية ماعادت كلماتها القديمة تجرحه تسلح برداء الثقة مع الثراء اللي صار طاغي على شكله وملامحه : هذا المبنى تعبت عشان أوصل له وأنت جاي من الهروب عشان تثبت أن لك صوت وأن الدنيا تهابك
لازال صامت ينتظرها تفرغ مخزون التصغير اللي تعود على مفرداته ماتغيرت نظرتها لازال بعيونها صغير لكن شعوره لم يتبدل شعور الكراهية منها ومن صفاتها : خلصتي يامدام ؟
ماودك تعاتبيني مثل زوجة تعودت تسهر وهي تنتظر زوجها مدمن أصحابه ؟
ماودك تقولين أبطيت يازايد وغيابك صنع فارق !
تبسمت بسخرية : وصلت متأخر ، تأخرت أكثر من اللازم والكلام اللي تقوله في العتاب اللين هذي أنثى غيري متمسكة حتى بالفُتات وأنا ما يغريني لا الكامل ولا الفُتات !
بغض النظر عن إنبهاره المخبّى ودهشته نطق بتهكم : اووووه الجمتيني ! كنت واثق من خانتي لقيت الغياب مهملها ورماني خارج الحسبة !
مسكت ظهرها والتعب عاودها لأن عرق وجهها تصبب وصارت تتنفس بحدة ، وهو لم يجذبه الرابط اللي تتخبط تمارا الآن بسبب مقاومته داخلها
إقترب لكن رفعت يدها بحدة : لا تقرب أنا بخير
أكيد تعودت من دونه تكون بخير أكيد قدرت تعيش بعد ماقضى على رابطهم السري ليلة إنتقامه
نطقت بذات النبرة اللي فيها قوة تستفز رجولته دائماً وتصغرها : أنا ماتعودت أنسحب بنص الطريق وأهرب ، ولا تعودت أتمسك بشيء وأتركه ، حتى لو حاربتني الدنيا وصار كل الناس ضدي الشي اللي أملكه ماحد ياخذه مني ، يا أنا يا أنت يالمبنى
تحرّكت بخطوات بطيئة وهو مستغرب كانت تملك طاقة كبيرة لكن بدت له ضعيفة بالرغم من خشونة كلماتها راقبها من زجاج المبنى وهي تنزل بنفس الخطوات الهوا دفع قماش عبائتها وهنا ظهر بطنها المتكور وهنا كانت صدمته !
..
..
ساري كان سرحان بملفاته لكن صوت الباب وحضور تمارا الصاخب وجهها الأحمر وعلامات القهر الواضحة عليها جعلته يفز من مكانه ويتحرك ناحيتها إقتربت وهي تشد مقدمة ثوبه بحسرة : كنت تعرف جيته ! كنت تدري أنه أخذ مني شيء وواقف مثل كل مرة بكل أمر يعني لي تتصنم رجولتك وتصير شخص ماله وجود !
مسك يدها وهو صامت ينتظرها تفرغ كبتها : زايد رجع رجعة قوية ماقدرت أوقف بوجهه ، خسرت مثل كل مرة ، تعبت وأنا أواجهه وأطلع طرف خسران بكل مرة تعبت ياعمي تعبت
إرتخت قبضتها ولأول مرة تناديه بعمي وهالمرة كانت تستنجد فيه ، إنهزمت وبنهاية المطاف ساري هو الشخص الوحيد اللي إتجهت له وقررت تخلع قناع الثبات وتستخرج أنوثتها المخدوشة وتتفوه بضعفها أمامه فقط ، سقط الثبات وأعلنت هزيمتها
قبل تنهار وتسقط مسك كتفها كانت تضم بطنها وهي تتنفس بحدة مسكها وحركها لأقرب كرسي جلس عند أرجلها وهو يقول بنبرة لم تعهدها من قبل : تمارا يوم جيت قبل كم يوم جيت وعندي أخباره وأخبار المبنى وانتي ماعطيتيني فرصة
كانت تتنفس بإعياء وخصلاتها مغطيه ملامحها لاحظ جدية وضعها رفع نفسه وحمل كوب ماء بلل أصابعه ومررها على خديها رفعت عينها ناحيته وهو نطق : تمارا مايصير تواجهين كل هالأمور بوضعك الحالي ، أتركيني أنا اللي جبته وأنا اللي بعرف كيف أطلع كل شيء من عينه المستقوية أعطيني فرصة لو صغيرة
هزت رأسها برفض وهي تعبث بحقيبتها إستخرجت مفاتيح ودستها بيده : جود وماجد لحالهم حرير اليوم بتطول برا البيت وأنا مافيني حيل حتى أشيل نفسي روح هذي الفرصة الصغيرة اللي أقدر أعطيك الحين
ساري : وأنتي؟
تمارا : بنام بأي مكان ماني راجعة للبيت
ساري وهو لازال يناظرها بترقب خايف تتأذى مثل آخر مرة : اتركيني أوصلك وأتطمن أنك بخير !
رفعت حاجبها بتهكم وهو تجاهل صدمتها من إهتمامه الغريب لكن وضعها يجبره يبقى ويتأكد أنها صارت بخير ، مدت يدها وهي بالفعل عاجزة عن المشي بدون لايسندها أحد ، ثبت كفها بيده الصلبة وصار بجاري خطواتها المتعبة أنفاسها مضطربة لم تستقر بعد هتف : نروح المستشفى؟
تمارا : وصلني للسيارة وأنت روح لاتشغل نفسك فيني !
تأفف عنيدة ومستحيل تقتنع لم تعتاد على إهتمامهم ولا مداراتهم شيء جديد ونادر بقاموسها وصلها للسيارة وقبل يتوجه للبيت إنصدم من أمل وهي تخبره ان في شخص وده يقابله والأمر ضروري ترك كل شيء وتوجه لمكتب أمل وهنا كانت الصدمة !

رهاف وعلى يمينها عربة طفل ميّزها بسهولة مستحيل ينسى نظرات عيونها مستحيل ينسى ضعفها الغريب اللي يستحثه يتقدم بدون لا يشاور عقله يتقدم بقلبه فقط
رهاف !
تقدمت وهي تعبث بأطراف كمها وبعيونها كلام كثير ، لكن عجزت تنطق ،
الحقيقة ثقيلة وهي تدرك أنه معها بكل جوارحه ، تدرك حقيقته وصدقه وصدق رجولته ونواياه، بينما هي مجرد كذبة مرت بحياته مثل حلم لكن حلم تعلق فيه بكل جوارحه الصادقة !
قالت : قطعت مسافة طويلة لأن بفمي حقايق لكن قبل أقولها ودي تسمعني مثل ماسمعتني بكل مرة وصدقتني
بكت أمان وتبعثرت هي لفت لها ولفت له وهو عينه على أدق تحركاتها هتف : قولي أسمع
رهاف : ساري أنت كنت شيء مو عادي مشيت له برجلي وآمنت أنك أنت الشخص الفارق بحياتي لكن يوم تأكدت وتيقنت ، تيقنت أنك كثير كثير وأنا ما أستحق شخص مثلك صادق بكل خطوة
جلست وصارت مثل المذنب اللي داهموه بجرمه وماقدر يهرب : كل شي صار كان متفق عليه !
عقد يدينه وريقه جف لكن صمت ومانطق ولا إرتفع صوته : أمي يوم شكيتها حمد قالت مامنه مفر لكن فجأة تبدلت أقوالها يوم دخلت شريفة بالوسط !
بدون شعور نطق : شريفة !!
رهاف : شريفة تهدد أمي وأنا صرت بالوسط كبش فدا لكل شيء ، الليلة اللي جيتك فيها شريفة دلتني عليك ونفذت كل شيء قالته بالحرف
صمتت وهي تبلع حديثها رفعت نفسها وقالت : ماقدر أكمل ، أدري بتشوفني رخيصة وبتستحقرني لكن أنقذت شخص وخسرت نفسي أنا
من الشخص ؟
هزت رأسها برفض وسال الدمع رفضت تتعمق بالحقايق : أنت كنت لي أمان بعز خوفي أنت كنت حقيقة لمستها وعشتها فترة ماكانت طويلة بس الأشياء اللي تلامسنا ولو لحظاتها صغيرة تبقى حلاوتها وماتروح
أشارت لطفلتها : سميتها أمان ، يوم جيتك وهي مغموره ببطني كانت هي اللي تطبطب علي وتقول كل شيء بيصير بخير مسحت دمعها وأكملت :مافات علي شيء شفتك من ورى الأسوار وأنت تحميني من بعيد من أصواتهم ومن نظراتهم ومن الخوف اللي تعود علي وعشت معه كل سنيني كنت أنت الأمان مثلها بالضبط
ساري وهو يتراعد من الداخل بينما شكله يناقص كل العواصف اللي جردته من مشاعره الآن وصار مثل غصن يابس يقاوم يقاوم فقط لاحظت ثباته وحمدت الله أنه قدر يستوعب مسكت العربة وقالت : أنا تزوجت شخص ما أعرف إلا إسمه، كذبت عليهم قلت بروح الجامعة وأخلص لي كم شغلة هناك ولقيتني هنا أعترف لك بكل شيء
ساري لازال صامت : كنت متحسف وأنتي جيتي وجيتش هذي محت كل الحسايف ، كنت متندم وجيتش خذت الباقي من الندم ، كنت واثق أني متجمل أثر الجمايل كانت بصوب وقصتنا بصوب
قاطعته : لا يتغير شعورك تكفى لا يتغير شيء خلني أبقى على ذيك الهقاوي ، أنا بريئة بريئة لا تتندم على فزعاتك ، لا تتحسف على مدّاتك ، كنت تداريني وأنا عن عينك بعيدة ، يفصلنا حارس وسور ويفصلنا عرف وشور ، لكن اللي بالقلب قريب قريب أقرب من حبل الوريد ، ايه أنا ماحبيتك ولا سكن ضلعي شعور لكن الأمان يكفي يكفي ياساري

شد أصابعه بقهر ما سكن ضلعها وضلوعه فرشها مدها لخوفها ولوحدتها ، وكفوفه بسطها لدموعها ، وعيونه كانت تتلحف السهر وهو قريب من أسوارها ، يحس أنه بخير دام ماعليها شر كل شيء صار بدافع حبه وبدافع نبضه اللي سخى به قلبه ، وهي ببساطة جمعت الجمايل وردتها بوجهه ردتها بحقيقة مخزية توجع منها قلبه ، بعثرت ضلوعه ضلع ضلع ، عثت بمدهال الكريم المحب تركت بابه مكسور وخرجت منه بأمان لها ولروحها أما هو معبر أمان والسلام !

إبتسم لها إبتسامة صريحة وقال : ماعاد فيها شعور ولا عاد فيها نظرة ، يقولون كلمة الرجال مايثنيها لكن بثني أقوالي وأقول ماني متندم على مدة كريمة وعلى خطوة كانت عزيزة لأني ثمنت فيها قلبي وأعطيته فرصة ماهي فرصة أكثر من فرصة يقولون كل دقة بتعليمة وصل الدرس يا أم أمان وصل وصل
خرج وهي مبتسمة برضا عرف أنها بريئة وعرف أنها مستحيل ترد الجميل وعرف أن قلبها خالي منه ومستحيل ترد له لو القليل ، مصيره يتشافى منها مصيره للأيام ومصيرها مع مانع للتو تنفتح أبوابه .
.

وصل ساري شقة تمارا
فتح باب الشقة وكشر من صوت الموسيقى الطاغي نزل الأكياس على الأرض ورفع صوته : ياولد
لوهلة داهمه الشك دخل شقة ثانية وغلط بالعنوان لكن المفاتيح اللي بيده ؟ تأفف ومشى وهو يدورهم بنظراته لا أثر
فجأة إختفى الصوت خرجت حرير ببجامة وبشعر مرفوع
: ماجد طولت !
لكن شخص ثاني غير ماجد هيئة تعرفها وحفظتها عن ظهر قلب ، تصنمت بمكانها ونسيت موقفها وشكلها نسيت كل شيء واستمر الصمت بين الاثنين هو متبعثر من الغرابة اللي تلاحقه وكل موقف يجمعه برهاف تكون حرير بعده حاضره ! شاهدها بأكثر من صوره لكن من قرب كانت غير،
شعرها الأسود الفاحم ، ، فكها المصقول ، حتى غمازتيها قدر يميزها ، هندامها البسيط وكفوفها الملطخة بالعجين والحزن اللي ترك لها مساحة وقدر يحررها اليوم صارت بهية حزينة القمرا أمامه بحلة عفوية بدت له عصية الفرحة كثيرة الدموع تقتات على المرارة ورفيقة للهم ، لكن الآن لا ! خلعت الرداء الحزين تحررت من دموع نصف الشهر ومفردات الرثاء تجلّت بصفاء لامثيل له ، قدر يستغل صدمتها لصالحه ويكتشف الوجه الآخر لحزينته الباكية تحت نور القمر ، جميلة جميلة للحد الذي لاحد له جميلة وكفى ، فاقت كل الصور اللي عبرت من خلاله وتجاوزته ، فاقت كل لحظات التأمل اللي قدر يستلذ بها كسرت كل الصور وفازت الآن إستيقظ من سبات الذهول على صوت ماجد : عمي نزلت أجيب مصاصة لجود أشغلتنا الليل كله تبكي
قطب جبينه بعدم رضا لتخرج ملتفه بعبائتها همس : ماجد ابوي روح لأختك
بقيت هي ،نطق بغضب مكبوت : كيف تسمحين للولد ينزل للشارع والوقت ليل ؟
ببرود قالت : ماهو ولد رجال ! ماجد مسؤول يوم ضاقت على أخته فز ونزل بدون لايشاورني
هدأ غضبه لتهمس مرة أخرى : ماجد عضيد ، جود تتركى عليه بيديها الصغيرة ، ماتدري هي وش الدنيا ، أقصى شيء تبكي عليه مصاصة تنام وهي بفمها وكن الدنيا صارت رهن يديها ماجد ما استحقر الشيء اللي بكت عليه ماتشوف فرحته يوم جاب لها الدنيا ؟
ذابت حدته عندها قدرات خارقة في ترويض المشاعر ، تاره تبكيك ، وتاره تذوب قلبك بحسنها الصامت ، والآن تعبث بغضبه وبصوت بارد جداً وبكلمات يدرك أنها حديثة عهد بفمها لأنها خرجت بدون ترتيب ولأنها وصلته حتى بفوضويتها نطق :طولت كان عندي اجتماع الحين تقدرين تروحين وماقصرتي
بسرعة حملت مفاتيحها وحقيبتها كانت منسجمة وهي تتفقد أشياء الحقيبة هتف : وش صار على المجموعة الجديدة ؟
تأملته لثواني وقالت : تعاونت مع مصمم ثاني وتقريباً وصلنا للنهاية
وده يسألها عن فساتين أمه لاحظت محاولاته في كبت فضوله لكن لم تهتم تحركت للباب وخرجت..
.
.
تمارا ..
استحمت ونشفت شعرها، رفعت نصفه بنعومة وضعت كريم إنتعشت للتو وهي تراقب نفسها من المرآه فستان بيت بسيط أبيض اللون قصير وواسع فوق الركبة شعرها ملموم نصفه بربطة ملونة وغرتها تلامس خدودها لأول مرة تشاهد نفسها بهذه النعومة ابتسمت وتحولت البسمة لضحكة :وين كنتي مخبية هالملامح ياتمارا ؟ وين كان هالجمال ؟
ظلمت نفسها كثير وهي تدس كل هذه الأنوثة خلف غطاء الرعونة والصوت العالي ، صبت كل إهتمامها بعملها وجمع المال وأهملت بشرتها وشعرها وشكلها الخارجي ، رشت عطر ثقيل تحب العطور الصاخبة مشت للشباك الطويل وقفت تراقب الشارع متناسية كل شيء تركض ورى راحة بالها وراحة صغيرها لكن داهم ركضها حضوره ويدينه اللي حاوط فيها جسدها ، لفت بقوة بعد ماشهقت بذعر وقبل تسأل رمى الجواب بوجهها : قايل لهم زوجتي نومها ثقيل وقفلت الباب
قاطعته وهي تدفعه بعد ماتمادى واقترب أكثر :لا تقرب خلك بعيد ، ليه مصر تواجهني وأنت ماعندك أعذار ؟ ليه بعد الهروب رجعت تهرب عندي ؟ اللي أغراك بالرجعة وش قال لك ؟
ضحك بسخرية : على هونك لايطق فيك عرق ، واثقة من قدرات الجذب ؟ أنا لي حلال وواقف عليه الرجعة ماهي عشان عيونك
لم يغير رده شيء هي تعرف حجمها ومكانتها هي تعرف أنه يتلاعب لا أكثر معتده بنفسها وبشعورها وبقوتها مستحيل يهزها بحروفه المتلاعبة مستحيل تبكي لأنه جرحها مستحيل تبين ضعفها قالت :دامك مثل ماقلت تسعى ورى حلالك ليه واقف لي عند الأبواب وواقف لي عند الدرايش لا يكون أنا الحلال اللي تلاحقه؟
حك عارضه وهو مستمتع هي تضرب ولا تبالي وهو يقسى ولا يبالي المعركة مغرية وكثير هتف : ليه خبيتي عني ؟
قدر يخترق الثقة وبدت تتوتر : مابيننا شيء عشان نخبي أسرار عن بعضنا ، أنت اخترت طريق وانا طريق مافي شيء يجمعنا بالوقت الحالي غير المبنى وبتتتازل عنه وأنت تضحك
ضحك ببساطة وأشار : السر المخبى ورى ثوبك الفضفاض!
انتفضت وبدون شعور ضمت بطنها : أنت تماديت كثير يازايد ، لاتمد النظر على أشياء ماعادت تعني لك
قرب منها : القطعة هذي نتقاسمها حنا الاثنين ولا يحق لك تقولين شيء إلا يعني لي ليه مايعني لي؟
دفعته بغضب وقالت : سايرتك كثير وقمت تتمادى أطلع من هنا يازايد ، أطلع ترى مافيني قوة مثل أول
لف لها بعناد : اللحظة هذي مستحيل تتفوت لازم نوثقها ، تمارا تعترف بالخسارة وترفع يدينها !لاحظ أنفاسها المضطربة ، لاحظ تجاعيد الألم لاحظها وهي تنحني وتقاوم آلام قدر يقتنصها جلست على المقعد وهي تتنفس بحدة : مارفعتها ولا يمكن أرفعها لين أحس اني كسرت لك شيء واخذت شيء ثاني يعني لك ، لين ارد لك الصاع اضعاف لين اتشافى واشفي الندبات اللي هنا وقتها برفع راية الفوز مستحيل اتراجع
يعرف ثباتها ويعرف عنادها يعرف انها مستحيل تنطق عبث وأن أفعالها تسبق أقوالها لكن قرر يسكت ولا يرد لأنها تتألم تمدد على المقعد الآخر : زايد وش قاعد تسوي
زايد : بنام سايقي رجع والمكان بعيد والفجر قريب
قاطعته : بس بس
تمددت وهو راقبها قدر يخفي قلقه وقدر يخفي إنجذابه لكل إنفعالاتها، يتعمد يستفزها لأنها بقمة ثورتها تظهر أنوثتها الطاغية وتتفجر سابقاً كانت تتمرد برعونة لكن بالوقت الحالي صارت أنوثة تجبرك توقف وتستمتع بكل التفاعلات المجنونة العرق النافر أسفل عنقها تفاعلات كفوفها بعد ما أرهقته بها سابقاً الآن تتمرد بجنون لايقاوم ، شعرها اللي يتحرك مع حدة صوتها حتى صوتها الغاضب صار ممتع ويطربه يبدو انها هي ، تمارا نفسها لم تتبدل لكن زايد للتو يستوعبها وبصورة مغايرة .
قضى ليله وهو يراقب أجفانها الراقصة ماغفت لها عين من التعب، وهو مثلها مانامت عينه ، الوقت مبكر وحتى وهي مجهدة تضغط نفسها بالعمل مدمنة عمل يدرك ذلك لكن تأذي نفسها وطفله وطفلها ! وهذا الشيء لايمكن يرضيه تأفف لأنه لايملك حق في مشاكستها وضعت حدود قوية وهذه الحدود بدت تثيره وتثير ترقبه وشغفه للمواجهة وللبقاء بجانبها الإنشغال بمراقبتها بدت له مرحلة ممتعة يتحجج بطفله بينما المقصد مختلف ، مر وقت طويل وهو يراقبها تتجهز للخروج وقبل تخرج سبقها للباب وهي تأففت
بتلاعب قال : قبل تنسين بذكرك في ثلاث حاجات تجمعنا !
رمقته تنتظره ينهي سذاجته : الأولى منتهين منها والثانية هنا اشار لبطنها وقبل يلمسه دفعت يده بحدة ضحك ورفع نظارته على عينه ليكمل :
والثالثة المبنى أنتي مو متنازلة وأنا متمسك
قبل يكمل كلامه دق جوالها ردت وهي متجاهله كل حروفه وإنقضى الطريق بدون لاتشعر منغمسة بالمكالمة وهو بجانبها مختنقة من وجوده بكل تحركاتها
المبنى في الدور الخامس والمصعد تعطل لن تضيع أي فرصة ترجع لها حقها زايد خلفها ومتعمد يخنقها بكل خطوة لكن انفجع من عنادها الغريب كيف تتحمل تصعد أربع طوابق مع درج عادي هتف بجدية : تمارا وقفي اصبري نص ساعة يصلحون العطل وش بيصير يعني
لفت له وهي تتنفس بحدة : تتنازل أنت ؟
نطق : أكيد لا
بإصرار قالت : ولا انا ماعندي استعداد اترك اي فرصة
زايد : يامجنونة وقفي وقفي
جلست على الدرجات وهي بالكاد تتنفس : انت لو بس تسكت او تروح عن وجهي بقدر اتنفس هوا نظيف وبقدر أجمع افكاري
جلس معها بعناد : قلت لك دام الثلاثة روابط موجودة مافي مفر اكمل بسخرية : حاولي تتنفسين قبل تنفجرين ويتأذى ولدي
احتقن وجهها وانصبغ بالإحمرار : ولدي أنا أنا وينه الحين ؟ هنا عايش على أكسجيني ودمي مربوط فيني وينك أنت من القصة ذي كلها ؟ وين قول متى صار القرب حلو بعينك متى زان ماعلمتني من زينه بعينك ؟ تنفست بحدة وأكملت : ماعندك جواب مثل العادة تتصنم قدام كل حرف تسمعه لأنك جبان صمتت وهي تمسح وجهها بحدة ثم قالت :مافي ولا رابط يجمعنا لاتتوهم حتى هالقطعة الصغيرة المخباه هنا علمتها تعيش على صوتي أنا وبس تسمع أنا أنا
فجأة نزل رأسه وضم بطنها بكفوفه وهي تصلبت من حركته الصادمة : الجبان اللي تسمع صوته الحين مثل ماقالت أمك هو أنا ، أبوك أبوك وماتقدر تنكر لو ما أعطيتك من شعوري شعور ولا لمستك بيديني أنا واقف لك عند باب الدنيا أنتظر جيتك !
رفع رأسه ليشاهد جمود، لكن لمح إنكسار بنظراتها وخوف غريب قدرت تخبي كل شيء حررت بطنها من لمسة كفوفه وقالت : أبعد يازايد أبعد ، أنت مو قد الحروف اللي تقولها ، أنت ماتعرف غير الهروب لاتعشمه بصوتك لاتوعده قبل يشوف الدنيا ، عودته على صوت واحد وقلب واحد لأني عارفة لو تعشم فيك بتغيب وبيكبر على نقص …
رجفة غريبة تسللت له وغصة تجمعت بحنجرته ماقدر يرد وبالفعل كل شيء قالته يوصفه بالحرف نهضت لكن خرجت منها أخ متوجعة والسبب عنادها وهو تلخبط والوجع اللي خرج من ثغرها ماكان عادي مر من خلال قلبه وتحرك لأنه بدون شعور ..إنحنى وطوق جسدها بيدينه حملها وهي غاب عنها الوعي واستوعبت انها متمددة على أريكة وزايد إستنفذ كل المحاولات بإسعافها، وأخيراً فتحت عينها تنفس بإرتياح وهي جعدت وجهها
تمارا " وش صار لي ؟
زايد : هذي نتايج العناد تموتين لو ماتوجعتي ووجعتي راس غيرك !
تأففت وهي تقوم بتثاقل جذب كفها يساعدها وهي ما مانعت لأنها مجهدة همست : انت تدري ان مافيني حيل للشد والجذب وانت تعاند أكثر مني أنا لي حق كبير ولا تقدر تنكر المبنى لي يازايد لا تطولها
وده يستسلم لكن عناده أكبر منها : أتركينا من المبنى بكلم السايق يرجعك البيت ولا تناقشيني
مسحت وجهها وهزت رأسها بدون نقاش لأنها مرهقة وظهرها لم يتعافى بعد لاحظ توجعها من ظهرها وهتف : أنتي متوجعة من ظهرك وتكابرين ؟
مشت بخطوات ثقيلة لتجمع أغراض حقيبتها بعد ما نثرها لم تسأله عن السبب نطقت بصوت متوجع : طحت طيحة شينة وتوي ماتعافيت منها
ودها تفصح عن وجعها حتى لو لجدار المهم تتنفس ولسوء الحظ الجدار كان زايد لأنه إكتفى بمراقبة صامتة نزلت وهي تتجاهله وودها تقود سيارتها وتتحرر من خناقه اللي صار يستحوذ على كل أنفاسها لكن جذبها من جديد وحملها وهي ماقاومت سمع صوت أنفاسها المتهدج ، ضعفها لم يروق له وجزء من آلامها شعر بوخزها بصدره لأن هذا الوجع لايليق بها أبداً نزلها وهي رتبت عبائتها وشعرها اللي تبعثر ، خجلها الجديد اللي تسلل له بصوره مدهشة لم يفوته تمارا ضعيفة وجاتها لحظة خجل ! قرر يصمت عن اللحظة ويتغاضى عنها بصوت بالكاد وصله : بروح بسيارتي أنا بخير
غابت عن عينه بسرعة وهو يحاول قدر الإمكان ينفض كل شيء كل شيء وجودها بين يديها وإستسلامها وخجلها وكل شيء جديد عاشه معها قرر ينفضه رجع للمبنى وتمارا في طريقها للبيت ..
.
.
ملكة ..

بدت تختنق من غيابه من بعد آخر لقا ودع كرسي الإنتظار وهي ودعت الترقب من شبابيك غرفة المستشفى الكئيب بدت تختنق أكثر من هذه الوحدة ، رتابة الوقت تمضي بثقل ، والدقيقة الواحدة تجر معها غصة ثقيلة بسببها صار الوقت يمشي على مهله ، عجزت محاولاتها في جمع الشتات اللي إخترق وحدتها بعد غيابه عجزت وهي تلملم بقايا حروفه اللي تركها ، ترك لها اسئلة وغاب إعترف إعتراف صريح لكن أعلن من بعد إعترافه الرحيل ، ترك حروفه بصدرها وترك لهفتها
كانت تتسائل بينها وبين نفسها ياترى استوعب حضنها ؟ استوعب لهفتها ؟
استوعبها هي ملكة اللي كان يلاحق كل محاوله تجمعه فيها كان يعد صغار الفرص ويعتبرها لصالحه كان يقتنص أنصاف الثواني ليجد نفسه أمامها يظهر بكل تجرد ماكان يتمنع ، ماكان يبين خجله من المحاولة ، ماكان يبين ضيقه من صدودها على العكس كان الند لكل لحظة تهرب فيها ، كان يقف لنظراتها بالمرصاد ، هي تشيح عنه بعيونها وهو يقف بكل خطوة أمامها هذه الفرص كانت سبب ، قدرت تألفه من محاولاته قدرت تتشبث بالفرص وبأنصاف الثواني أكثر منه لكن قايد إستسلم وترك المحاولات لها هي وها هي الآن تعاود نفس خطواته نفس الترقب تنتظر لمحة عيونه تنتظر فقط وجوده !

ضمت اللحاف وقلبها ملهوف هذي طريقته بفتح الباب حفظتها وحفظت طريقة دخوله سابقاً ، صار يتسلل في أوقات نومها ويخطف له نظرة من خلف الستار أخبرتها ممرضة والدها بالصدفة وقررت اليوم تتظاهر بالنوم الستار كان عازل عن الإزعاج تقدر تنام براحة لكن اليوم قلبها فز على حس خطواته ومن رائحته اللي تسللت من وراء الستار أغمضت عينها بهيام من قربه ، تسللت لها راحة غريبة ، تأكدت أنه متمسك شدت على اللحاف أكثر وهي تسمع صوت أرجله ، حررت رأسها خافت تختنق من أنفاسها اللي حبستها ومن شهقات الفرح اللي تعاظمت بصدرها ، تقدم ورجله تستحثه وجوارحه المشتاقة تصرخ فيه تقدم تقدم إنثنى بالقرب من سريرها القريب من الأرض وضع يده على خصرها وهي على وشك الإنفجار مسح بيده بدون كلمات لكن الصمت كان يكفي، صمته حمل رسائل العتاب وشوقه المفضوح ، حمل حنينه وحمل معاناته وهو بعيد عنها وخصرها من تلقى كل هذا الزخم كان اللقاء في هذا المحيط كان أشبه بعناق كان يتسائل دائماً كيف هو شكل الإحتضان بعد غيبة طويلة ؟ هذا اللقاء كان جواب كافي لم يكتفي من ناحية ، خصلاتها المستريحة تناديه قرب ألثمني أنثر أشواقك ولا تخجل وبالفعل جاوب نداء خصلاتها قبّل أطراف شعرها قبلات عميقة جرها جر من صدره المتصحر ، كان هذا اللقاء أشبه برشفة باردة بعد عطش مرير تبلل الظما وإبتلت عروقه إبتهجت روحه لكن ليس بمفرده ! ملكة تجابه الآن أقسى المعارك ، صوتها الطاحن وصل صداه لعمقها ، حتى صوت القبل شبهته بصوت الرصاص من شدة وقعه على روحها ، أطلقت العنان لأنفاسها بعد ماسمعت دوي أقدامه كان أشبه بركض الخيول وسط ساحات الحروب من شدة وقعه على روحها

فزت وهي تحرر عبراتها ليغشى المكان صوتها الناحب وهي تبكي فرصة ضاعت من يديها كان قريب أقرب من وريدها كانت يده مستريحة تضم خصرها بتملك ناعم كان هنا قبل خصلاتها لكن القبلة ماكانت إلا قبلة عشاق تذوقتها بالرغم من صوتها الصاخب على روحها بكت وهي ودها تعبر الممر وتلحق أنصاف الثواني اللي ضاعت وهي تحصي الفتات منها ضاعت لأنه ترك لها عشرات القبل وتركها ..
.
.
غالب وهو يحاول ينسى موقف العيد اللي بتر العلاقة نهائياً وأقصاه بدون عودة ، جابر واقف أمامه وصامت لكن منظر الندم اللي على وجهه والأسف كان كافي بالنسبة له : جابر يوم جيت من ورى خمس سنين ورفعت الصوت بفزعة ترجعني لسنين غياب ماجبرت نفسي ولا أحد جبرني لقيتني ماشي لطريق الفراق من جديد بكامل إرادتي لاتحس انك مستذنب فيني
جابر وهو يحاول يرد ويجمع له حروف تشفي غضبه من نفسه نطق : كل ما أتذكر أني دمرت أعذار خمس سنين جمعتها وجيت تتجمل فيها يوم العيد تضيق علي الوسيعة ، خطاي متلبسني ومايحتاج تقنعني
ضرب ركبته بخشونة وقال : معفيك أنا من الخطأ اللي تظنه دمرني تكفيك ذنوب حسناء
رمقه بشدة وأكمل غالب : ماني خبير بالوصل لكن لو عجزت تمسك لك طرف خيط تكفر فيه عن ذنبك تراني واقف لك ورى الباب
قاطعه جابر : يوم تفزع فزعاتك نعجز عن ردها يكفيك اللي صار من مدة ، وإذا على الوصل أنا عجزت أمسك طرف خيط يوصلني لنفسي قام وأكمل كلامه : أخوك جاب العيد بحق قلبه ودمر له قلب ثاني أي تدمير قول جا من الجهل وكمل الناقص وكني واقف بصف النكد ومتقصدها
ناظره غالب بعطف غريب : أنت ماجبت العيد أنت عرفت واستوعبت واعترفت لقلبك عندك فرصة كبيرة ، لاتترك يدها وهذا هو المهم
خرج بدون رد وتوجه لشقتهم الصغيرة
خرجت بجسدها النحيل من الغرفة بشعرها المبلل تتهادى بخطوات مجهدة ، قرّب منها وجذب يدها وأخيراً جت اللحظة اللي تجمعه بها ، الأيام الماضية تهرب وتنام لساعات ، اللحظات اللي تستيقظ فيها تعد على الأصابع ، هربت بعيونها عنه وجذبت يدها بنعومة ، تكورت على الأريكة وهو رمقها برحمة كبيرة فقدت كثير من وزنها وصحتها
جلس قريب منها على الطاولة وحضن يدها من جديد : مابغينا نشوف هالعيون ، ليه تهربين من الضحكة اللي قطعنا أميال عشانها إبتسم بسخرية هي تدور للبكاء وهو يحاول يجمله !
فجأة تحولت نظراته لدهشة لأنها نامت من جديد ! لم تمهل إستجوابه ولا تعاطفه هربت مثل كل مرة
نومها بدى له بصورة تستدعي مخاوفه لأنه بالفعل غير عادي لم يعتاد على أوضاعها الغريبة بسرعة فز ناحية أشيائها بعثرها كلها وبسرعة اختلف لونه والسبب علبة صغيرة ، مهدئات مع الوقت يدمنها الشخص وتسبب له هلاوس ! تستخدمها للنوم وللهروب ! أي حال وصلها لهذا المنعطف المهلك بسرعة ركض وهو يتخبط ناحيتها ، جلس على نفس الأريكة عند أقدامها بالضبط حمل جسدها ورفع رأسها بإتجاه وجهه ضربه ضربات طفيفة وهمس:حسناء حسناء فوقي
بصوت ثقيل :خلني أبعد ياجابر أبعد عن الدنيا اللي شحت علي حتى بدمعة
انتفض من صوتها الغارق ، ومن حروفها المجهدة المفككة ومن جسدها النحيل اللي بين كفوفه خالية من الحياة : ليه نهرب دامنا اخترنا الطريق اللي يودينا للوجهه الصحيحة ليه نهرب ؟
لسانها ثقيل عجز يفهمها قرب اذنه من فمها :مانهرب هذي نجاة ورحمة ، مو أنا وبس كل البنات اللي معي أدمنوها
لازال حاضنها وعقله شارد عند آخر موقف
المهدئات بعد لحظات مثل هذه أسهل مهرب عن شعور الكراهية والتقرف والخوف أسلم حل للبقاء على قيد الحياة ، يا الله ياوحشة الشعور اللي داهم ضلوعه الآن رفعها وضمها بقوة لدرجة صارت تون من ضمته رخت ضمته وهتفت بنفس النبرة الثقيلة : هذي أول الخبايا وشفتها وما قويت يبغى لك قلب ثاني ياجابر !
ضمها من جديد وهمس : اليوم آخر محطات الهروب وحتى لو الخبايا مايقواها قلب مثل ما تظنين بنواجهها وبنداويها نامي قريرة عين ياحسناء
أرخت اجفانها وهو مسحها بعطف كبير وهو يقاوم لهيب الدمع وحرارته .


أديب ..

هزاع فلوسك بتوصلك وفي حسابك
هزاع : أي فلوس أنت اتصلت وعلمتني انها انسحبت ومعك في السيارة !
أديب وهو عاجز عن التفكير داهمه وهو يقول :سلافة بنت خضير
قاطعه هزاع : معلمة في المدرسة اللي أحرسها وش جاب طاريها الحين
أديب: ومدرستك ذي وينها الديرة ذي مافيها غير بقالة وتطلبك الحل
ضحك هزاع : المدرسة بعيدة ساعتين ونص ، نطلع لها قبل الفجر وسلافة والبنات اللي معها أنا اللي أوصلهم ، سكنت هنا أسهل لي ولهم ، نطلع مع بعض للدوام ونرجع مع بعض
أكمل هزاع بشك : بك شيء ياولد خوفتني والجرح اللي بجبهتك وش قصته ؟
أديب يخفي قهره : جرح عادي لا تشغل نفسك فيه بطلع أتمشى وأنت وش جابك ماتقول أن أمك مريضة ؟
هزاع بسرعة : لأن بكرة دوام
أديب حانت فرصته : أنا أقول عود لأمك والبنات أنا بوصلهم لمدرستهم وبمسك دوامك لين تتطمن على أمك
هزاع براحة : أمسك مفتاح الجيب ولا تخاف من الضيق ، البنات وسيعات صدر ، وترى ام حسين الدلاله بتوقف لك عند الدكان تحب تترزق في القرية وفي المدرسة خذها معك ركبها قدام والله يعينك على المغثه من الحين
أديب بمزاج سيء لم يرد سمع تعليمات هزاع وخرج من البيت ..

قبل الفجر
خرج متلثم بشماغه خايف ينكشف ، فضّل يغطي وجهه ، المهم يوصل لنصف الخيط من حكايتها وكيف تمردت على حياته وإقتحمتها بهذه الطريقة
ام حسين تثرثر من الصبح وهي مستنكره صمته متعودة على هزاع صدره وسيع وياخذ ويعطي معها وصل لبيت كبير وأنيق أكبر بيت في القرية بعد البيت اللي بأطرافها كان لشخص يسمونه حسام لم يتعمق بعد في إستكشاف القرية لكن ام حسين نطقت : بيت خضير بيت الفلس من يوم قفّى عن الدنيا وعلوم بناته علوم ، جدتهم تسوقهم للردى سوق ، الكل يدري عن ردى فعايلهم لكن اللي يفتح فمه سلافه تقطع له لسانه ..
بسرعة التفت يبدو أن لها سوابق غير السرقة خرجت من البيت ومثل ماوصفتها ام حسين لها هيبة حتى وهي متلحفه بسواد عبايتها، عيونها الحادة وصلت له نظراتها الثابثة الواثقة اللي فيها من القوة مايشد الإنتباه ومايصيبك بالذهول لأن أديب دهشته ظهرت على نظراته من أول نظرة رمقته فيها وكأنها سهم حاد أصابت قلبه !
سلافة : أمش ماحد غيري اليوم مداوم صبحك بالخير يا ام حسين
هلا ردتها بصوت بارد ام حسين وسلافة ما اهتمت
وصل للبيوت اللي وصفها له هزاع بيت بيت وخرج من القرية سمع صوتها الواثق من جديد : هلا ايه ايه قلت كل شيء بينتهي أيام ونلتقي بس اللي عندي قلته لا تكثر حكي ..
شد يده وهو يسوق وام حسين قالت بصوت بان فيه الانشراح : هذا بيت حسام راعي الخير واليدين البيضا ، يوزع الارزاق كل جمعة على الناس ويوم عرف أني أبيع كل يومين يرسل لي فلوس للبضاعة يعاوني الله يخلف عليه
إبتسمت سلافة بسخرية من تحت النقاب

وصل صوت واحدة من البنات كان ضعيف وأديب سمعه قوي يقدر يميز حتى الهمس
: سلافة أبوي رفض يعطيني مصروف معك سلف أدري طفشتي مني كل يوم أطلبك
سلافة بنفس الهمس : يوم ننزل بحطها بجيب شنطتك ولا تهتمين جيبنا واحد
تتصدق بقروش مسروقة قالها بينه وبين نفسه وهو يضحك بسخرية ..
.
.
سهم
قلب غرفته وهو يدور جهازه الثاني ، جهاز أسرار قلبه وجعبته الفصيحة ، ضاع منه شيء متعلق بالماضي وحتى لو كان مر هو جزء منه وأسرار تعني له الكثير ..
إقتحمت البتول غرفته وهو بسرعة ارتبك وقبل تتراجع وتخرج نطق : تعالي تعالي ماعرفتك وأنتي تستحين
ضحكت وهو نطق : قلبت الدنيا وأنا أدور جوالي القديم ومالقيته
البتول وهي تغمز له : فيه أسرار القلب والحب اللي مو راضي تعترف فيه ضربت كتفه وهي تضحك :كشفتك شفت كل حاجة من عيونك اللي كانت تلمع ليلة المطر !
توتر من مداهمتها لكن قال بذبول : احنا اللي يقرب منا يذبل ويحترق ، المحبة ماتليق على قلوبنا
عقدت أصابعها وحركت فمها : بس حبيتني
جلس على طرف السرير : أنتي إستثناء ، أول مرة أحس بشيء داخلي ، شعور الإنتماء اللي كنت ماعرف إلا إسمه بالكتب وعرفت حجم حب الأخت وعرفت المعنى الحرفي لقطعة منك ، يعني لو تذوبين ذبت ، لو تذبلين ذبلت ، لو تحترقين أنا أول من يحترق عرفتي معنى إستثناء؟
إنتفضت وتقوس فمها كلامه مافرحها ، إنقبض قلبها منه : سهم الغرابة اللي فيك صايرة تخوفني
رفع رأسه لها : لاتخافين ياحبيبة سهم واوعديني
قاطعته بعين تلمع : وعد وعد قبل أعرف مبتغاك ومطلبك بس وعد
ضحك : أضحكي دايم لايذبل لك غصن ، ولا تبكين أحفظي دموعك الثمينة للمواقف اللي تستاهل
ضحك أكثر وهو يشاهد دموعها لينطق : يابكاية
ضمت يدينه وجلست على الأرض مقابله وهو قال بمرح حاول يخفي فيه غصته : روحي روحي عوضي الناقص من شهر العسل وأتركيني أدور ذكرياتي
كشرت : من يوم جا وهو مبلط عند ماما وبابا ختم الأفلام والمسرحيات معهم وأنا زي العادة رجل طاولة بس مبسوطة
ضحك هزاع : المدرسة بعيدة ساعتين ونص ، نطلع لها قبل الفجر وسلافة والبنات اللي معها أنا اللي أوصلهم ، سكنت هنا أسهل لي ولهم ، نطلع مع بعض للدوام ونرجع مع بعض
أكمل هزاع بشك : بك شيء ياولد خوفتني والجرح اللي بجبهتك وش قصته ؟
أديب يخفي قهره : جرح عادي لا تشغل نفسك فيه بطلع أتمشى وأنت وش جابك ماتقول أن أمك مريضة ؟
هزاع بسرعة : لأن بكرة دوام
أديب حانت فرصته : أنا أقول عود لأمك والبنات أنا بوصلهم لمدرستهم وبمسك دوامك لين تتطمن على أمك
هزاع براحة : أمسك مفتاح الجيب ولا تخاف من الضيق ، البنات وسيعات صدر ، وترى ام حسين الدلاله بتوقف لك عند الدكان تحب تترزق في القرية وفي المدرسة خذها معك ركبها قدام والله يعينك على المغثه من الحين
أديب بمزاج سيء لم يرد سمع تعليمات هزاع وخرج من البيت ..

قبل الفجر
خرج متلثم بشماغه خايف ينكشف ، فضّل يغطي وجهه ، المهم يوصل لنصف الخيط من حكايتها وكيف تمردت على حياته وإقتحمتها بهذه الطريقة
ام حسين تثرثر من الصبح وهي مستنكره صمته متعودة على هزاع صدره وسيع وياخذ ويعطي معها وصل لبيت كبير وأنيق أكبر بيت في القرية بعد البيت اللي بأطرافها كان لشخص يسمونه حسام لم يتعمق بعد في إستكشاف القرية لكن ام حسين نطقت : بيت خضير بيت الفلس من يوم قفّى عن الدنيا وعلوم بناته علوم ، جدتهم تسوقهم للردى سوق ، الكل يدري عن ردى فعايلهم لكن اللي يفتح فمه سلافه تقطع له لسانه ..
بسرعة التفت يبدو أن لها سوابق غير السرقة خرجت من البيت ومثل ماوصفتها ام حسين لها هيبة حتى وهي متلحفه بسواد عبايتها، عيونها الحادة وصلت له نظراتها الثابثة الواثقة اللي فيها من القوة مايشد الإنتباه ومايصيبك بالذهول لأن أديب دهشته ظهرت على نظراته من أول نظرة رمقته فيها وكأنها سهم حاد أصابت قلبه !
سلافة : أمش ماحد غيري اليوم مداوم صبحك بالخير يا ام حسين
هلا ردتها بصوت بارد ام حسين وسلافة ما اهتمت
وصل للبيوت اللي وصفها له هزاع بيت بيت وخرج من القرية سمع صوتها الواثق من جديد : هلا ايه ايه قلت كل شيء بينتهي أيام ونلتقي بس اللي عندي قلته لا تكثر حكي ..
شد يده وهو يسوق وام حسين قالت بصوت بان فيه الانشراح : هذا بيت حسام راعي الخير واليدين البيضا ، يوزع الارزاق كل جمعة على الناس ويوم عرف أني أبيع كل يومين يرسل لي فلوس للبضاعة يعاوني الله يخلف عليه
إبتسمت سلافة بسخرية من تحت النقاب

وصل صوت واحدة من البنات كان ضعيف وأديب سمعه قوي يقدر يميز حتى الهمس
: سلافة أبوي رفض يعطيني مصروف معك سلف أدري طفشتي مني كل يوم أطلبك
سلافة بنفس الهمس : يوم ننزل بحطها بجيب شنطتك ولا تهتمين جيبنا واحد
تتصدق بقروش مسروقة قالها بينه وبين نفسه وهو يضحك بسخرية ..
.
.
سهم
قلب غرفته وهو يدور جهازه الثاني ، جهاز أسرار قلبه وجعبته الفصيحة ، ضاع منه شيء متعلق بالماضي وحتى لو كان مر هو جزء منه وأسرار تعني له الكثير ..
إقتحمت البتول غرفته وهو بسرعة ارتبك وقبل تتراجع وتخرج نطق : تعالي تعالي ماعرفتك وأنتي تستحين
ضحكت وهو نطق : قلبت الدنيا وأنا أدور جوالي القديم ومالقيته
البتول وهي تغمز له : فيه أسرار القلب والحب اللي مو راضي تعترف فيه ضربت كتفه وهي تضحك :كشفتك شفت كل حاجة من عيونك اللي كانت تلمع ليلة المطر !
توتر من مداهمتها لكن قال بذبول : احنا اللي يقرب منا يذبل ويحترق ، المحبة ماتليق على قلوبنا
عقدت أصابعها وحركت فمها : بس حبيتني
جلس على طرف السرير : أنتي إستثناء ، أول مرة أحس بشيء داخلي ، شعور الإنتماء اللي كنت ماعرف إلا إسمه بالكتب وعرفت حجم حب الأخت وعرفت المعنى الحرفي لقطعة منك ، يعني لو تذوبين ذبت ، لو تذبلين ذبلت ، لو تحترقين أنا أول من يحترق عرفتي معنى إستثناء؟
إنتفضت وتقوس فمها كلامه مافرحها ، إنقبض قلبها منه : سهم الغرابة اللي فيك صايرة تخوفني
رفع رأسه لها : لاتخافين ياحبيبة سهم واوعديني
قاطعته بعين تلمع : وعد وعد قبل أعرف مبتغاك ومطلبك بس وعد
ضحك : أضحكي دايم لايذبل لك غصن ، ولا تبكين أحفظي دموعك الثمينة للمواقف اللي تستاهل
ضحك أكثر وهو يشاهد دموعها لينطق : يابكاية
ضمت يدينه وجلست على الأرض مقابله وهو قال بمرح حاول يخفي فيه غصته : روحي روحي عوضي الناقص من شهر العسل وأتركيني أدور ذكرياتي
كشرت : من يوم جا وهو مبلط عند ماما وبابا ختم الأفلام والمسرحيات معهم وأنا زي العادة رجل طاولة بس مبسوطة
أديب قاطعه : قصدك فرحتنا مسروقة خلنا ياخوك نضحك ياخوك ، قدامنا مشوار نرجع فيه فرحتك مستعد ؟


البتول ..

كانت تنفض أدراج غرفتها وكل مكان تطيح عينها عليه تضامناً مع سهم تدور جهازه الثمين كاتم أسراره شعرت بيدينه وهي تقتحم لحظتها وهو يطوق خصرها وينطق بصوته العابث : اتركي كل شيء بيدينش وتعالي معي
لفت له وهي مبتسمة وهو مطوقها بكل تملك :على وين !
كشر بتمثيل : محكور بين جدران أمش وأبوش كل مازانت الهروج جابوني في الوسط أشوف مسلسلاتهم إلا على طاريها هم توهم يكتشفونها ولا وش علمهم ؟
ضحكت ضحكت من تعابيره ومن تهكمه اللذيذ لتنطق : صراحة هم زادو العيار الفترة ذي ، لقو لهم واحد يماشيهم مع سهم ماكان يمشي الحال أمداك تطفش ؟
غالب : امنعينا منهم وتجهزي سهم تحرر من أول مخاوفه وقرر يعتمر !
شهقت وعيونها مفتوحة والفرحة إرتسمت على معالمها : قول والله !
ميل جسمه وكأنه يتلاعب فيها لكن مخبي إبتسامة فرح تمردت والسبب فرحتها
ضمت يدينه وودها تصرخ بأعلى صوت من الفرح اللي تجمع بصدرها ، عيونها تحكي عن السعد اللي زارها الآن وغالب واقف ينتظرها تعبر ، يستمتع حتى بنظراتها الضاحكة ، عيونها قالت كل شيء لكن ينتظر صوتها لأن عندها قدرة خارقة في توصيل الشعور بدون أدنى تكلف قالت : أنت جمعت الفرح الثمين جمعته كله بصدري وش بقيت للدنيا؟ أنا من خفة الشعور حاسة ان الأرض مو شايلتني
سكت وهو يتلذذ بكل تعابيرها : سهم يخاف يخاف من الهمهمات والنظرات يختنق من الزحام كيف اقتنع ؟
رد غالب : ما اقتنع قرر هو جا بنفسه وقال أمنية البتول تشوفني واقف بإحرام وبين الناس عايش بدون خوف ، أكيد انه قدر على نفسه وقرر يحقق هالأمنية
البتول : ياحبيبي ياسهم انت عارف وش أمنيتي اللي ماقلت له عنها ؟ دايم اتمنى اخبيه جوى قلبي يمكن يلاقي الأمان اللي ماقدر يحسه بحياته كلها
تأثر غالب وقال : وش أسباب خوفه اقدر أعرفها؟
البتول : سهم عنده رهاب من الأصوات والزحمة كبر مع نوبات الهلع فتح عيونه على الدنيا وهو خايف
تهدج صوتها ولمعت عيونها نطق هو : بس خلاص نروح جميع لبيت ربي الأكيد بيخف جزء من الخوف المجتمع بصدره
ضمته وهي صامته وهي مدركة ان سهم لن يتخلص من مخاوفه بسهولة لكن هذي أول محاولاته ..
.
.
غزل وهي تكمل مذكرات سهم تأففت نصفها مغلق برقم سري عجزت تفكك الأرقام حاولت أكثر من مرة وعجزت قررت تكتفي بالمذكرات المفتوحة أكملت وهي تغوص دواخل قصته بكل جوارحها ..

طمست ملامحي بين طيات ثوب الشخص المدعو بوالدي ليدفعني وهو غاضب لأسمع صوته ولأول مرة : سهم ولد عيب الحركات اللي تسويها أنت رجال !
أنا طفل ، أنا حديث عهد بالدنيا ، حديث عهد بثيابك وبصوتك ، مشيت خلف الشخص المدعو بوالدي بعد مادفعني لأسقط أرضاً ،
لم أبكي فأنا أتعثر بمفردي بسبب الأرض المبللة سابقاً لكن الأرض هذه ضربتها مؤذية جداً ، وصلت معه لبيت بحجم الأشياء التي للتو أراها كان كبير وواسع استقبلتني أنثى مبتسمة واحتضنتي بسلاسة لم أعي بوقع الإحتضان على الروح بعد ، لكن شعرت بشيء طفيف يلامس جزء صغير من قلبي : مرحبا بك بيننا ياسهم تقدر تقول لي ماما من الحين
لكن لحظة من تكون هذه ؟ لا أعرف وجه الأمهات ولم أدرك المعنى الحقيقي للأمومة لكن عينيها المتدفق منها سائل غريب جذب إهتمامي لم أسمع جرس لم تسمع جرس إذاً لماذا تبكي ؟

كنت في الثالثة عشر من عمري ، أفنيت تلك السنوات داخل خزانة معزولة عن جميع المغريات الألوان ، الوجوه الباسمة ، حتى الصخب والأضواء كنا نسميها حفلة ، لكن واجهت إحتفال طويل في الخارج بدون إحتفاء يبدو أنها الشيء المسمى بالحياة ، ياترى هل حياتي بجانب الشخص المدعو والدي ( حفلة ) ! لكن الأضواء خفت بريقها رويداً رويداً لأنني أصبحت حبيس لخزانة جديده تسمى بيت !
بعد أسبوع من المكوث الصامت هنا في خزانتي الجديدة غابت البشاشة عن تلك المرأة لأنها عثرت على صورة أنثى جديدة في جيب الشخص المدعو والدي لتبقى حبيسة لغرفتها

بعد مرور يومان ، إنضمت للبيت فتاة تكبرني بعامين بخصلات عسلية

: أنا البتول وأنت سهم عمري ١٥ وأنت ١٣ بس سنتين تفصلنا
مدت يدها البدينة لتصافح يدي ، بيضاء مثل غيمة من القطن ، بدى الفارق هائل جداً يدي متيبسة نحيلة سمراء مُجهدة ، يدها مثل القطن مشرّب بلون أحمر ، لم يضحك أحد في وجهي منذ فترة لتضحك هي أمامي ببساطة : من اليوم ورايح بنبقى مع بعض تقول لي حكاية وأنا حكاية ، البطل أنت وأنا بطلة حكايتي ..

كانت تحرك يديها الممتلئة بحماسة : خالة راوية اللي ورى الباب ، أنت من أم مختلفة وأنا من أم مختلفة
سردت التفاصيل أمامي وأنا لم أستوعب بعد إختلاف الأمهات لأنني لم أجرب العيش حتى مع أم واحدة ، وهذه تعيش في كنف أكثر من امرأة
وقفت أمامي وهي تشير لنفسها : أنا أصير لك أخت عارف أيش يعني أخت يعني حضن !
ليعود ذلك الحضن مجدداً ويعاودني ذلك الشعور لكن تدفق بشدة أزاحت خصلاتها العالقة بزرار قميصي لتضحك بشدة

: أنا سهم من شجرة مجهولة عشت ١٣ سنة وأنا ما اعرف إلا أسمي !
بمواساة لم أعرفها من قبل أو ربما سمعتها كثيراً من أشخاص لاتعنيهم يدي المتيبسة العالقة في الهواء لسنوات طويلة : أنت سهم وأنت معروف وقدامك سنوات تتعرف فيها على أصغر تفاصيل الدنيا مو بس أسمك
تفرغت تلك القطنة للبقاء بجانبي حينها أدركت بالفعل معنى جديد للتمسك بالحياة كان " إحتواء "

البتول حلاوة قطن ، كنت أسمع قايد أخي الكبير يناديها بهذا الإسم لم أدرك معناها بعد لكن شرحت لي المعنى بحلاوة متناهية حينما قالت : أنت تعرف ياسهم حبّات السكر يوم تتغلغل في الأشياء وتغطي المرارة ويصير كل شيء بعدها حالي ؟ قايد يقول عني كذا حلاوة الدنيا
حينها لم أهتم للمعنى لكن مع مرور الوقت أدركت الصور الحقيقية لكل الأشياء التي شرحتها البتول بطفولة شديدة البياض ، كانت تخبرني عن الترابط لم أفهم لأرى أصابعي المتيبسة رهينة ليدها البدينة حينها نطقت : قدامنا طريق طويل ياسهم لو رخيت أنا تشدني ، لو رخيت أنت أشدك أنا ، شفت الأصابع الصغيرة هذي ياسهم ؟
" هي اللي بترفعنا لو وقعنا "
شرحت الترابط والإنتماء بسلاسة متناهية !
بقيت أصابعي المتيبسة متشبثه بهذا الإنتماء بقيت لسنوات وأنا متمسك بهذا القرب، وببساطة لأن البتول أشعلت فتيل صغير بثته في عمقي ليشتعل بتوهج بهذا التقارب الأخوي ببساطة عرفت من خلال شعور واحد بقية المشاعر الأخرى..

مسحت دموعها صار يلامسها شعرت أنها جزء من أحرفه كل حرف كانت توقف عنده وتفككه تغوص بعمق المعنى وتعيش لحظاته بكل حذافيرها
تحسست قلبها وقالت
" أستودعت الله قلبك ياسهم "
.
.
رجعت رهاف لحياتها الطبيعية داخل أسوار هذا القصر العميق كانت منسجمة مع أمومتها بكل شغف تمسح خد أمان وترضعها لكن رفعت لحاف الصغيرة بحدة تغطي فيه صدرها بعد ما انفتح الباب اندفعت ام حمد وداهمت الغرفة لتنطق بحدة : جهزي أمورك زوجك خلص أشغاله والليلة بيمركم !
جف ريقها ، لم تستعد بعد لكن هزت رأسها والأخرى إبتسمت بسخرية وخرجت بسرعة بقيت رهاف منصدمة متصلبة تجاهد عدة أفكار ، اقتحمت هدنتها مع الحياة وحالة السلام اللي كانت تعيشها مع طفلتها دنقت للصغيرة مسحت طرف خدها وقالت : كل ماقلت انسجمنا خلاص ندخل دوامة جديدة ، أماني ياماما قدامنا حياة جديدة
نهضت ترتب حقائبها وعينها على طفلتها وداخلها خوف من القادم خايفة من مانع ، اسمه كبير وثقيل خايفة أكثر شيء من الغموض والإستفهامات اللي تحيط بإسمه
إنتهت من كل شيء وصارت تنتظر مصيرها القادم بدون أدنى مقاومة ..
مرت ساعات وصار مانع يتوسط الصالة الكبيرة ينتظر عائلته الجديدة المكتوبة بإسمه
نزلت رهاف حاملة صغيرتها ، حاملة معها مخاوف جديدة طرحتها على كتفها وشعرها مرفوع بنعومة جسدها صغير ، كانت أشبه بطفله تحمل دميتها لا أكثر ، العاملة خلفها تجر الحقائب
مانع مكتفي بالمراقبة المراقبة فقط لم يفصح عن ذهوله ، حتى نظراته لم تفصح عن شي ، ثابت بمحله يرمق جسدها الصغير وهي تتهادى بخطوات تحمل وجل ورعب وترقب ، تحمل إستفهامات مضمورة
تحمل طفلة صغيرة ملتفة بغطاء أبيض
مانع قليل الكلام ، بخيل الحرف ، يتقن التحديق والتحليل ، وسماع الأصوات الداخلية يكتفي بتحليلها داخله ويطبق عليها بصمته المهيب !
همست لنفسها : ماكلف على نفسه يجي مرسل أكبر عياله كديتي خير من البداية !
لكن تبعثرت كلمات العتب بصدرها وهي تسمعهم ينادونه بمانع !
هذا مانع ؟
اسمه كبير والخيالات اللي تلازم حروف اسمه كانت بالنسبة لها شاسعة ومخيفة ..
مانع الشايب اللي رسمته بداخلها
كان رجل طاغي الوسامة بأوج أوج شبابه بملامح يطغى عليها السمت وتطغى على السمت المهابة عريض الصدر طويل القامة كان عملاق بالنسبة لخيالاتها !
رفعت عينها البعد بالنسبة لها شاسع مال فمها وتوسط الرعب صدرها من جديد ، مكتفية بالتحديق مثله قرأ علامات التعجب والحروف اللي بعثرها حضوره ، قدر يسترق له نظرة كانت كافية بالنسبة لههذي رهاف ؟ هذي خوف متجسد على هيئة طفلة هذي رغبات مدفونة ، أنثى كانت تحارب وإنتهى بها المطاف أمام حرب أخرى ،
نظرة واحدة كانت كفيلة بإستخراج أشياء مضمورة إقتنصها من نظرة نظرة فقط ..
ابو حمد نطق : هذي رهاف يابوك ،
قاطعته ام حمد بنبرة ساخرة : هذا مانع نجر الحرف منه جر ، لفت لمانع ونظرتها فيها من الإستخفاف والشماتة الكثير والكثير : هذي مرتك الله يعينك تراها بزر بتبقى شوكة بحلقك مالك إلا الصبر
تجاهل نظرات زوجة أبوه مشى للحقائب بخطوات ثقيلة وكأنه يرسم خطواته تقدم وهو يسحبها للباب وخلفه رهاف لم تنطق بحرف ! عدوى الصمت إنتقلت من الآن !

في السيارة تحججت بالصغيرة بينما هي كانت بالفعل تريد الهروب ناحية أمانها الهروب منه ومن سهم نظراته ..
هدهدت الصغيرة بتهويدة خافتة قدر يسمع البعض من كلماتها ، بالكاد ميّزها هدوء الطريق وهدوء الليل وسكون الأصوات رجعها لماضي رديء ليالي الخوف من حمد ومن سوط عقابه القاسي أغمضت عينها وهي تشد على أجفانها لتصرخ فجأة بصوت عالي ملأ السيارة : حمد لا لا حمدددد
وقف على جنب الطريق خمن أنها غفت ، وغفت وحمد ببالها ، يبدو أنه عالق حتى بأحلامها صار يقيس مقدار الحب وكيف صار بالوسط بين ذكرياتها معه وبين ماضيه وماضيها !
لم ينطق بحرف صوت أنفاسها وهي تجرها وهي تأن وكأنها للتو تسمع خبر وفاته خيل له أنها ترثيه بينما هي غارقة في شعور آخر
خوف وآلام وإختناق وذكريات حمد اللي تساقطت على قلبها الآن بصورة مباغتة لم تسيطر على صرختها لم تسيطر على أنفاسها كل شيء ضغطها بلحظة عير متوقعة ماكانت تملك إلا صوتها العالي علها تزيح هذا الخناق
بكت أمان ولفت لها بحدة نسيت وجودها لوهلة تجددت فيها صور حمد القاسية ومواجعه ضمتها لصدرها وقالت : أنا آسفة زارني الخوف وكنت احسب اني نسيته سامحي صوت ماما المزعج سامحيني أمان
كمل الطريق وهو متملل أول فصل من فصول حكايتها وحكايته تملل وهذي البداية .


أديب كل شيء جاهز البنت المقصودة اليوم موعدها !
أديب وهو يتجهز للمغامرة بالشكل المطلوب وقف لثواني وبعدها تذكر شيء ورجع يتصل برفيق المغامرة من جديد : هزاع لاتغفل عينك نص ساعة وأنا عندك
وبالفعل إنتهى من ترتيب شكله اللي صار مناسب للهيئة المطلوبة وصل لهزاع وضرب كتفه بخشونة :اعتبر كل شيء من الليلة منتهي
جلس وكأنه متعود على الجو بعد ما لازم حسام لفترة مقنعة أخذ فيها الكثير من المعلومات وقدر يثبت نفسه بالمكان صار ينفث دخان سجارته ويتأمل الموجودين ينتظر صاحبة السر واللي بتوصلهم للبقعة المطلوبة هم ينتظرون هذه اللحظة من أيام وبالفعل دخلت !

بخطوات مدروسة تمايلت لمقصدها صاحب المكان الآمر الناهي حسام راضي ، جلست على المقعد المقابل ونطقت بصوت واثق من شدة صلابته ، نبرة غريبة وقع أحرفها ورنتها تسللت
للقلوب قبل الآذان : حسام جبت الطلبية
أرهف السمع أديب وهو يتظاهر أنه ثمل من المشروب اللي بين كفوفه ، رفع عينه وهي بدون قصد رمقته وطالت النظرة ، غضت الطرف واقتحم الخجل أسوار صلابتها بسبب نظراته تذكرته وعرفت انها قريبة من الخطر ! تحفزت رغبتها في الهروب وقد وصلت لآخر رمق ، والإختناق كان له النصيب الأكبر من هذه المهمة القاتلة القاهرة بالنسبة لها
وضعت الكمية المطلوبة بجيوب حسام الغائب عن الوعي بسبب سكرته لتنطق : ام رابح توصلك سلامها وتقول آخر دفعة ولا تضغط عليها لأنها خاطرت المرة ذي عشانك تسمع حسام تفهم !
أديب يملك حاسة سمع قوية لدرجة ان كل حرف قالته وصله واستوعبه .
مشت بنفس الخطوات للمخرج لكن أستوقفتها يد أحدهم دفعته بقوة تعودت عليها ، او اضطرت تتعايش معها بسبب جدتها اللي تقدس عملها المشبوه أكثر من أي شيء آخر في الحياة
همست وقد حكرها في أضيق زاوية في الممر لتقاوم بكل طاقتها : ابعد ابعد ما انصحك تقرب مو من صالحك
كان يسمع صوت اللذة اللي غرق فيها وهو يتأملها وهي بسرعة استخرجت مقص صغير من جيبها الخلفي وبسرعة مجنونة ابتعد بعد ما رسمت خط طويل بعنقه وأسفل كتفه ، إنشغل بجروحه عن ملاحقتها وهي هربت بسرعة البرق خارج الفيلا المسمومة وهي بداخلها تلعن ام رابح
وهي تتذكر صوت فجر الباكي وهي تستنجد فيها وسلافة صارت بوجه المدفع بكل مرة تمسك أصعب المهام عن بنيات ام رابح اللي تستخدمهم لجمع المال ولتجارتها المسمومة ..
قدرت تهرب لكن وصلها صوت غريب لفت لتشاهد نفس النظرة ليشتعل خجلها العفيف من جديد ليشتعل خوفها بسبب موقفهم السابق




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن » 03:44 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009